حمزة زوبع
1300x600
1300x600
قد يكون شعور ي مطابقا لشعور الكثيرين من القراء الأعزاء، من زاوية البحث عن السبب في عدم ظهور الغلابة في جمعة الغلابة؟
 
لماذا لم يخرج المواطنون البسطاء الذين يعانون من بؤس الحياة وغلاء الأشياء خصوصا مع تعويم الجنيه ورفع سعر أسعار الوقود، ليعبروا عن غضبهم من هذا النظام الذي توفرت له أفضل الفرصة ليخدم الشعب بأفضل صورة ممكنة؟ 

هل بلغ اليأس مداه؟ هل استسلم الناس للفقر والجوع كما استسلموا للبطش والقهر والتنكيل؟ 
الإجابة السهلة جدا هي نعم، الناس لم تعد لديها القدرة ولا الطاقة ولا الإمكانية لذلك. هذه إجابة ناقصة وأهم فقرة ناقصة فيها هي (أن الناس ربما تعبت وفقدت القدرة على مواجهة قوة باطشة غير مسبوقة ولكنها وهذا هو الخبر الجيد - لم تفقد رغبتها في التغيير أو الرغبة في التعبير عن غضبها من هذا النظام). كيف؟ 

راجع تعبير المواطن البسيط عبر الوسائط الاجتماعية عن نظرته للنظام ولفشله، سواء سائق التكتوك الشهير أم همام الصعيدي أم الست (اللي بمائة راجل)، اركب الميكروباص وتطلع في جوه الناس واسمع لهم حين يأتي ذكر السيسي، الإجابة: فاشل.  

راجع استطلاعات الرأي عن  شعبية النظام ممثلا في السيسي لأنه هو النظام في حقيقة الأمر وكلها تشير إلى تدني شعبيته، كما يقر بذلك حتى المحللين القريبين من النظام والمدافعين عنه ، واسأل نفسك هل هذا نظام مرضي عنه، هل هذه عيشة يرضى عنها المواطن، الإجابة لا، فلماذا الصمت إذن؟
 
أليست ظروف مصر اليوم أسوأ بكثير من الأيام الأخيرة لمبارك المخلوع؟ فلماذا تحرك الناس في 2011، وسكتوا في 11-11-2016؟ 

الإجابة ليست أنه راض أو قانع بما يحدث له أو فيه بتعبير أدق؟ لا: الإجابة أنه  أصبح مقهورا إلى حد اللامبالاة، ينتظر المفاجأة، يتوقع شيئا ما يحدث ليرفع عن كاهله العناء، لكنه قد يخشى أن يكون جزءا من ثورة قد لم تتوفر لها شروط النجاح في الوقت الراهن، فلنتابع ما حدث يوم الجمعة 11/11 ولنسأل عن هؤلاء الذين خرجوا أسئلة بسيطة مثل:

أليس هؤلاء مصريين؟ أليسوا غاضبين؟ 

هل كانت أعداد من خرجوا في 11/11 أكبر من أعداد آخر تظاهرة منذ حتى تلك التي خرجت في إبريل الماضي اعتراضا على تسليم جزء من الوطن، أعني عن تيران وصنافير؟ 

ألم يتخل المتظاهرون جزئيا عن شعاراتهم التقليدية مثل دعم الشرعية وعودة الرئيس؟ ألم يرفعوا الأعلام كما طلب من تحدث باسم ثورة الغلابة؟
 
الإجابة القطعية: نعم، والسؤال المهم أين أولئك الذين تزعموا الحملة ونشروا بياناتهم عن اليوم الموعود 11/11، بمعنى: هل خرجوا؟ هل نجحوا في إخراج الناس؟ الإجابة عند عزيزي القارئ وعند الكاتب الكبير سليم عزوز الذي أدرك وبحس سياسي عميق أن الاخوان شالوا الليلة وقال في تغريدة له بعد عصر الجمعة "الإخوان هم الذين ستروا عرض يوم الغلابة"، ثم تابع يوم الاثنين 13/ 11 على صفحته على الفيس بوك ناصحا الإخوان بالابتعاد عن الجمعة القادمة لسببين وجيهين: "السادة الإخوان المسلمين ممكن تأخدوا "رست" الجمعة القادمة".. وهي الموجة الثانية لحركة غلابة وذلك لسببين كما كتب وأنقل عنه نص ما كتبه: "حتى نعطي فرصة للمتظاهرين من الحركة بتسليط الضوء عليهم من ناحية لأن التركيز يكون عليكم.. وحتى تكون مناسبة لمن يرفضون الخروج لأن الإخوان خرجوا لأن يخرجوا؟! جاملوني باليوم ده"، انتهى الاقتباس. 

لقد عبر سليم عزوز عن واقع الأمر وهو أن الكتلة الصلبة التي تواجه النظام هي الإخوان، وأن ما حدث يوم الجمعة لم يكن يوم الغلابة بقدر ما هو يوم جديد من أيام تظاهر الإخوان ضد الانقلاب بكل مكوناته ومحتوياته وإفرازاته وهي للأسف إفرازات سيئة كما وكيفا ولا تقتصر على الجوع والتجويع بل تتخطاه إلى القتل والتشريد والاعتقال وغيره من الجرائم التي تصنف بأنها ضد الإنسانية.
 
والسؤال: لماذا يصر الإخوان؟ ولماذا يتقدم الإخوان ويتأخر غيرهم رغم أن غيرهم ملأ الدنيا صراخا مطالبا إياهم بأن يتأخروا؟ وكما قلت في مقدمة حلقتي (مع زوبع) الجمعة الماضي: "تأخر الإخوان فلماذا لم تتقدمون؟". 

الحقيقة هي أنه يتعين على الجميع أن يجلس على الطاولة ليناقش الأمر بهدوء وأن يتحلى بكثير من الصمت والحكمة قبل أن يتكلم لأن ما شاهدناه خلال الأعوام الثلاثة كفيل بأن يخبرنا بحقيقة أمر الجميع، وهو أمر لا يعيب أحد فما تملكه القوى غير الإسلامية من قوة ناعمة يجب أن يكون رصيدا للقوة الجماهيرية عند الإخوان والإسلاميين بشكل عام. وما ينقص الإسلاميين من قوة اتصال مع الآخر وعدم قدرة على ردم الهوة الاتصالية مع المختلفين فكريا معهم كمنظمات ومؤسسات دولية وإقليمية يمكن تعويضه بمكونات الثورة الأخرى إن صدقت النوايا.  

الجمعة 11/11 ليس بداية لشيء جديد فيما يخص الغلابة أو غيرهم، ففي رأيي أن ثورة الغلابة ربما تكون قد انتهت -كعنوان - يوم ولادتها لأسباب كثيرة سأفرد لها مقال أو مقالات لاحقا إن شاء الله، وأتصور أن جمعة 11/11 كاشفة لواقع يقول بأن الثورة هي من أجل استعادة إرادة الناس وليست فقط من أجل مساندة الغلابة أو إطعام الجائعين، الثورة عنوانها الإرادة التي ينبثق عنها كل شعارات الثورة من عدالة وحرية وديمقراطية وكرامة إنسانية.  

أتمنى أن يستوعب الجميع الدرس. 
التعليقات (0)