مقالات مختارة

أزمة شباب أم وطن؟

فهمي هويدي
1300x600
1300x600
نخدع أنفسنا إذا تصورنا أن عقد مؤتمر للشباب في شرم الشيخ يمثل مشاركة حقيقية لهم في صناعة مستقبل مصر، كما ادعت جريدة الأهرام في عدد السبت 10/22. ورغم أنه من الجيد أن يلتقي الرئيس بثلاثة آلاف شاب في مؤتمر تنظمه رئاسة الجمهورية لهم هناك، فإنني أزعم أن مصر تمر بظرف تاريخي عصيب يحتاج من الجميع إلى تفكير آخر وإلى لغة أخرى في التعامل مع تحديات المرحلة وأعبائها.

كنا قد نسينا حكاية عام الشباب التي أطلقت في شهر يناير وأحيطت آنذاك بحفاوة رفعت من منسوب التفاؤل بالعام الجديد، إلا أن الرياح أتت بما لا نشتهي؛ فحظوظ الشباب لم تتقدم خلال الأشهر التالية، إذ ظل للأمن دوره المشهود في الجامعات، كما ألغيت انتخابات اتحاد طلاب الجمهورية لأن نتائجها لم ترض الأجهزة الأمنية. وظل حملة الدكتوراه والماجستير يتظاهرون أمام مجلس الوزراء بلا أمل. فضلا عن أن وعود إطلاق سراح الشباب الذين اعتقلوا ظلما أو خطأ لم ينفذ منها شيء. ناهيك عن أعدادهم التي قدمت إلى المحاكمات العسكرية لأسباب واهية لا تستحق تجريما ولا محاكمة أمام القضاء العسكري.

للعلم: ذكرت دراسة للخارجية البريطانية حول فرص الشباب في العمل والتعليم والمشاركة السياسية، أن ألمانيا تحتل المركز الأول، أما ترتيب مصر فكان رقم 131 في القائمة.

الشاهد أن أوضاع الشباب لم تشهد تغيرا يذكر على مدى العام الذي أطلق فيه الوعد. الأهم من ذلك خرائط المجتمع تغيرت في الربع الأخير من العام، بحيث تراجعت أولوية مشكلة الشباب، وصرنا إزاء أزمة تواجه المجتمع ككل. فرضتها التحديات الاقتصادية التي أصبحت على رأس قائمة هموم الوطن وشواغل السلطة. من ثَمَّ فإن فكرة عقد مؤتمر الشباب في هذه الظروف، باتت أقرب إلى الخطوة الصحيحة في التوقيت الغلط. وهو تحليل إذا صح فإنه يسوغ لي أن أطرح السؤال التالي: أيهما أولى بالنظر الآن: مؤتمر للشباب أم مؤتمر وطني يشارك فيه الجميع لمناقشة أزمة البلد وسبيل الخروج منها؟

إنّ أخشى ما أخشاه أن يتحول المؤتمر إلى تظاهرة إعلامية وسياسية، تتردد أصداؤها في الفضاء الإعلامي طوال ثلاثة أيام، بحيث نخرج من المؤتمر كما دخلنا فيه، ونصبح كمن ظل يركض محله خلال الأيام الثلاثة دون أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام.

قرأت أن المؤتمر سينظم 20 جلسة عامة وسيقيم 8 ورشات عمل، وأن مختلف قضايا الوطن ستناقش في تلك الجلسات والورشات. ولم أفهم كيف يمكن أن يشارك ثلاثة آلاف شاب في مؤتمر بحضور الرئيس ثم يقال إن هموم الوطن نوقشت في اللقاء. لأنا نعرف أن ذلك مستحيل من الناحية العملية، فضلا عن أن لنا خبرة طويلة بمثل تلك الأمور تقنعنا أنه سيتم ترتيب أشخاص ثم انتقاؤهم لتوجيه أسئلة معدة سلفا إلى الرئيس، ثم بعد ذلك يخاطب الرئيس الجميع ليصبح ذلك هو الحدث الأهم والأبرز. الأمر الذي يعني أن هؤلاء دعوا إلى الاستماع إلى الرئيس والتقاط الصور معه وليس إلى مناقشته.

أدري أن الثلاثة آلاف شاب تم انتقاؤهم وإعدادهم من خلال دورات مروا بها خلال الأشهر الماضية. ولا أستبعد ما يقال من أن يكون ذلك جزءا من ترتيبات مشروع حزب الرئيس الذي قيل إنه سيرفع راية 30 يونيو. ولست أرى غضاضة في ذلك. إلا أنني أشكك كثيرا في حصيلته ونتائجه؛ إذ إن الجهد الذي يبذل لا يمكن أن يتحقق له النجاح إلا في ظل إنعاش الحياة السياسية، بشروطها التي يتقدمها إعلاء شأن الحرية والديمقراطية ورد اعتبارهما، وهو ما يتطلب سعيا حثيثا، جادا ومخلصا، أرجو ألا يطول انتظارنا له.

الشرق القطرية
3
التعليقات (3)
محمد الدمرداش
الثلاثاء، 25-10-2016 07:33 م
بين العملي و النظري .......... إذا نظرنا إلى المجتمع الأمريكي نظرة فاحصة نجده مجتمع رأسمالي القوى المحركة فيه 75 مليون في سن الشباب و من الناحية النظرية هذه القوى المحركة لأمريكا يجب أن تكون هي التي تحكم و تسوس و تتصدر المشهد و لكن من الناحية العملية فإن هذه القوى المحركة تستقطب أعلامياً خلال فترة التصويت الانتخابي و قد تشارك و قد لا تشارك و الذى يحكم حزبان كبيران يعبران عن أصحاب المصالح محلياً و عالمياً في السلاح و الطاقة ؛ و إذا تعمقت في البحث و الفحص فإن هؤلاء الشباب محركي الاقتصاد الأمريكي سواء في الإنتاج أو الاستهلاك مكبلين منذ نعومة أظافرهم بديون تعليم جامعي أو رهن عقاري أو ديون تمتع بتكنولوجيا عصرهم فلا يستطيعون التفرغ لتكوين حزب يمثل حقيقتهم المذابة و الملغى فعاليتها لعدم و وجود عنصران هامان الوقت و المال ؛ و نخلص إلى أن أدارة المجتمع قائمة على الأشغال بما هو ميول و اتجاهات موجودة في الشباب مع تحيدهم من لعبة السياسية و الحكم و أعطائهم ملهاتهم و يسمى ذلك ديمقراطية و الحقيقة أنها ديمقراطية مزيفة ملتف عليها لا تعبر عن عموم غالبية شعب و ليس للشباب إلا الدور الذى رسم لهم في عجلة حياة البلاد . و إذا ما أردنا البحث عن الشباب في مصر فنجده معدوم معنوياً مقموع لا يجد ملهاته و لا مشبع لميوله و اتجاهاته و يمارس عليه الزيف الذى ظاهره أشراكه و الحقيقة أنه لا يشارك في شيء إلا خداعه و لا يسمح له حتى أن يكون قوى محركة لاقتصاد بلاده فلا تحدثني عن دور الشباب في مصر لأن دوره هو رؤية السلطة الحاكمة بالقطع ليس كأمريكا لأن مستوى الأدارة عندنا لم يصل إلى مستويات الأدارات الأمريكية و لكنها تحيد الشباب عموماً من أي حياة للبلاد .
المهاجر
الثلاثاء، 25-10-2016 12:56 م
لم يبق لك مسافة هن العسكر
عبدالرحمن
الإثنين، 24-10-2016 02:05 م
الرز الإيراني خلص ورجعنا على رز الشباب الغلابه ...خليك على الرز الإيراني يا فهمي ...كتاب ادفع المعك