قضايا وآراء

الموصل: آخر حروب إيران الكبرى

أيمن خالد
1300x600
1300x600
معركة الموصل هي آخر حروب إيران الكبرى في المنطقة العربية؛ تريد منها إيران  تحقيق مجموعة من الأهداف السياسية.،

 فهي تريد طمأنة أمريكا بأنها جزء من منظومة مكافحة الإرهاب الدولية، وتريد طمأنة إسرائيل بأنها مستمرة في محاولة صناعة دويلات طائفية، وهو ما سبق وطرحه سياسيون إسرائيليون منذ سنوات طويلة، وتريد التغطية على أزماتها الداخلية بصناعة أوهام انتصارات خارجية، وتريد أيضا تأكيد نهاية عصر الدولة في العراق الغارق في زمن المليشيا الطائفية، وتريد فوق هذا وذاك تعميق الانقسام بين جميع مكونات المنطقة في شرق المتوسط من عرب وكرد وتركمان، وتريد فوق ذلك صناعة احتكاك بين الشيعة في العراق وبين تركيا، لأنها تريد قطع أواصر التواصل بين الشيعة وبين كامل المنطقة، فالإيرانيون سائرون باتجاه إعادة إحياء دولة المناذرة كسياج يقف بينهم وبين النار التي أشعلوها في شرق المتوسط، وهذا هو أقصى حلم إيران، بعد استحالة تحقيقها أي انتصار واقعي.

لن تكون إيران مستقبلا دولة مؤثرة على المستوى الإقليمي، فهي فقدت هيبتها كقوة عسكرية مرتين، الأولى في أثناء حرب العراق وإيران في السابق، والثانية عندما اضطرت لاستئجار طائرات دولة كبرى مثل روسيا، لكي تقوم بآلاف الغارات ضد معارضة لا تملك معدات قتالية، لأجل تحقيق انتصار إيراني لقواتها البرية في حلب وغيرها.، فالروس في سوريا مجرد مشروع اقتصادي مؤقت، ينتهي  بتوقف الإيرانيين عن دفع فواتير الحرب، فالحلم السياسي الروسي تبخر في صربيا سابقا، كما يتبخر الحلم الإيراني في اليمن اليوم. ، وأما فكرة اجتياح إيراني للسعودية وهيمنة مطلقة على الخليج فهذه مجرد سذاجة، فالعالم لا يقبل بوجود مناطق النفط تحت هيمنة دولة مضطربة في عقلها السياسي، وأما فكرة أن العالم يتواطأ مع إيران لإعادة إحياء المشروع الفارسي، فهذا غير منطقي، فالعالم غير معني بصناعة امبراطور فارسي جديد، وكل ما في الأمر أن إيران وضعت في عقول الشباب لديها فكرة الانتصار على الغرب، وما يقوم به الغرب هو مجرد استنزاف للمشروع الإيراني، الذي سينتهي بانقلاب على المستوى الشعبي الذي بدأ يغرق بحالة من اليأس.

لن تستطيع إيران العودة للوراء، ولن تستطيع أن تكون دولة واقعية، ولن تكون ذات دور إقليمي في المستقبل، فهي قوة كبيرة على الأرض، لكنها عاشت في عالم افتراضي غير متاح على الأرض، فهي أرادت تغيير عقائد الناس، فخسرت الجغرافيا والسياسة، تماما كما فعل السوفييت من قبلها، وسوف نرى على أبواب الموصل نهاية إيران كدولة إقليمية كبرى، ويمكن تسميتها بعد اليوم، بدولة العقل المريض.

(نشر المقال باللغة التركية في صحيفة ديريلش بوستاسيه)
التعليقات (0)