مقالات مختارة

السعودية وإيران على مذهب واحد!

عبد الناصر بن عيسى
1300x600
1300x600
هناك من يظن أن عداء إيران للمملكة العربية السعودية، وقيادة هذا العداء من طرف مرشد الثورة الإسلامية، هو نصرة للإمام علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، ولأهل البيت رضوان الله عليهم، وبأن عداء المملكة العربية السعودية لإيران وقيادة هذا العداء من طرف مفتي الديار السعودية، هو نصرة للسيدة عائشة أم المؤمنين وللصحابة رضوان الله عليهم، فيجعل من الخلاف، مذهبيا، يُدخله في حالة تيه في صحراء التاريخ الضبابي، الذي أريد له أن يبقى "مضببا" إلى يوم الدين.

وهناك من يفتح كتب التاريخ والتراجم، ويفتح قنوات خاصة، نصرة لهذا البلد أو ذاك، ويغرق في حبر ولعاب، يجعل هذا الظن يقينا، وهذا اليقين قضية تزيد في تعقيد المشكلة، وتبعدها قرونا أخرى عن الحل، لكن الحقيقة تجلّت بوضوح في أشغال المنتدى الخامس عشر الدولي للطاقة الذي احتضنته الجزائر، التي فهمت أن قضية الخلاف، هي بحث كل بلد عن مصلحة شعبه، وبأن للبلدين مذهبا واحدا، وهو المصلحة الخاصة، وهذا من حقهما بل من واجب مسؤوليهما.

لقد ظن الجزائريون لمدة طويلة، أن إيران حليف اقتصادي للجزائر، عندما كانت المملكة العربية السعودية، تُغرق سوق النفط بإنتاجها الطوفاني، وكانت إيران المحاصرة دوليا، تتودّد إلى الجزائر، وتُشعرها بخطر انهيار أسعار النفط، ليس تضامنا مع الجزائر ولا عداء للملكة العربية السعودية، وإنما مجبرة على ذلك؛ لأنها لا تمتلك حق تحرير إنتاجها من النفط، وعندما تحرّرت من الحصار مارست إغراق السوق، فبدت في الاجتماع الأخير، عدوا اقتصاديا للجزائر، وبدت السعودية حليفا اقتصاديا، وفهمت الجزائر متأخرة أن مصلحتها فوق كل اعتبار، والتحالفات الدولية لا تقوم إلا على المصلحة الخاصة، فما بالك إذا كانت هذه المصلحة هي قطعة الخبز، التي لا تُعجن في الجزائر إلا بسائل البترول.

في زمن الحرب الباردة سارت دول، في فلك الولايات المتحدة الأمريكية، ظنا منها، أنها تدافع عن الحريات والديمقراطية، وتريد أن تكون الرأسمالية مذهبا سياسيا تُسعد به الأمم، وبمجرد أن تمكنت من الكثير من البلدان، حتى استنزفت خيراتها وزرعت على أرضها غابات من الفوضى، وسارت أخرى في فلك الاتحاد السوفياتي، ظنا منها أنها تحارب الإمبريالية، وتريد أن تكون الثروات "شراكة" بين الشعب الواحد، فانهارت مع أول ريح، وتأكد الجميع أن ما يقال من شعارات هو للاستهلاك، فمذهب كل أمة هو مصلحة شعبها، ولا همّ للحاكم سوى تحقيق مطالب الناس، وليس إقناعهم بهذه الفلسفة أو هذا المذهب.

أخطأت الجزائر اقتصاديا عندما جعلت البترول مصدر حياتها الوحيد، وأخطأت سياسيا عندما تعاملت بالعاطفة مع دول كثيرة، لا عاطفة لها سوى مصلحة شعوبها، فهي مرّة تتهم بلدا بتصدير السلفية والوهابية، وتتهم آخر بتصدير الاثني عشرية، كما كانت تتهم بلادا بتصدير البلشفية والرجعية والنصرانية، وهم جميعا يصدّرون ما ينفع شعوبهم، فلا مذهب للوطن حسب العرف العالمي، سوى مصلحة مواطنيه.

الشروق الجزائرية
0
التعليقات (0)