تقارير

الطيرة.. بلدة فلسطينية رفض أهلها مغادرتها تحت وطأة الحرب

طيرة حيفا وتسمى أحيانا "طيرة اللوز" لكثرة أشجار اللوز فيها
طيرة حيفا وتسمى أحيانا "طيرة اللوز" لكثرة أشجار اللوز فيها

يطلق اسم الطيرة على عدة تجمعات سكانية في فلسطين، منها قرية الطيرة وتقع إلى الشمال الغربي من مدينة بيسان، وقرية طيرة دندن وتقع شمال شرقي الرملة وشرقي يافا.

ثم بلدة طيرة حيفا التي سنتحدث عنها بتفصيل أكثر، وتسمى أحيانا "طيرة اللوز" لكثرة أشجار اللوز فيها. وهي بلدة عربية تقع على مسافة 12 كم جنوبي مدينة حيفا الساحلية، وتصلها بالطريق الساحلية الرئيسة، طريق فرعية وتوجد فيها محطة للسكة الحديدية.
 
تقع البلدة على السفوح الغربية لجبل الكرمل، على ارتفاع قرابة الـ75 مترا فوق سطح البحر، وتوجد ضمن أراضي البلدة مجموعة من الينابيع.

وتعد ثالث أكبر مدينة في منطقة المثلث بعد أم الفحم، ومدينة الطيبة، ووفقا لمعطيات الهيئة المركزية للإحصاء فإنها تعتبر ثامن أكبر مدينة عربية داخل فلسطين المحتلة عام 1948 بعد الناصرة وأم الفحم والطيبة ورهط وشفا عمرو وسخنين وطمرة، واعترف بها الاحتلال الإسرائيلي مدينة عام 1991.

 

                                    وسط مدينة الطيرة  

وبلغت مساحتها 224 دونما عام 1945 وتشبه في شكلها العام الصليب المقلوب.. وربما يعود ذلك إلى امتداد حافة جبل الكرمل من الشمال إلى الجنوب، وامتداد وادي العين بصورة عامة من الشرق إلى الغرب مع الانحناء نحو الجنوب في منطقة التقائه بوادي الجع.
 
وهي أيضا من بلدان القضاء العشر الأولى في عدد السكان. ففي عام 1922 كان فيها 2,346 نسمة من العرب، ارتفع عددهم إلى 3,191 نسمة عام 1931. وكان فيها 624 مسكنا حجريا، وأصبحت 5,270 نسمة عام 1945. وفي عام 1950 بلغ عدد سكانها 5,250 نسمة، ارتفع إلى 13,300 نسمة عام 1970.


وبلغ تعداد سكان البلدة عام 2012 نحو 24 ألف نسمة.

ويعتمد السكان في معيشتهم على زراعة الحبوب والمحاصيل الحقلية والأشجار المثمرة. 

وحلت الطيرة في عام 1943 بالمرتبة الأولى في قضاء حيفا من حيث المساحة المزروعة زيتونا والأولى أيضا في إنتاج زيت الزيتون، وكان فيها في ذلك العام ثلاث معاصر زيتون آلية. وإلى جانب ذلك عمل السكان بتربية المواشي.

تاريخيا عرفت قرية الطيرة في العهد الروماني باسم بيتار وذكرها الفرنج باسم تيرة، وفي عهد المماليك كانت الطيرة محطة للبريد بين دمشق وغزة، وبنى فيها ناصر الدين تنكز نائب دمشق في النصف الأول من القرن الثامن الهجري خانا يأوي إليه التجار والمسافرون.

وفي عام 1596 كانت الطيرة قرية في لواء اللجون وكان سكانها يؤدون الضرائب على عدد من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب. وأخذ اقتصاد القرية يتدهور بعد عام 1872 إثر التجنيد الإجباري الذي فرضه العثمانيون على المنطقة بأكملها، لكن القرية عادت فازدهرت لاحقا.

تعتبر حرب 1948 من أهم الفترات في تاريخ الطيرة والتي حسمت بقاءها وعدم اندثارها شأن العديد من القرى العربية الساحلية التي أزيلت من الخارطة وتحول سكانها إلى لاجئين. فقد صمم أهالي الطيرة عند اندلاع الحرب عام 1948 على البقاء فيها والدفاع عنها مهما كلف الأمر وأقسم زعماء البلد قسما جماعيا أن لا يغادروا القرية وإن قدر لهم الموت فسوف يموتون فيها.

وبالرغم من تلك الوقفة الباسلة التي وقفها أهل الطيرة في معارك عام 1948، فإن القرية سلمت للاحتلال مع سائر قرى المثلث الجنوبي إثر هدنة رودوس عام 1949، تلك الهدنة التي كرست الهزيمة العربية من ناحية، وسمحت بقيام الأساس الأول لدولة الاحتلال من ناحية ثانية.

 

                             المدخل الجنوبي لمدينة الطيرة

وقبل أيام سلمت قوات الاحتلال 110 أوامر هدم لأصحاب منازل ومحال تجارية في مدينة الطيرة، وقالت بلدية الطيرة إن من بين المباني المهددة بالهدم 46 منزلا و64 مصلحة تجارية بملكية أهالي المنطقة الشرقية من المدينة. 

وقال أصحاب المنازل والمحال التجارية المهددة بالهدم، إنهم يواجهون منذ سنوات مخططا لترحيلهم عن أراضيهم والاستيلاء عليها، تحت عدة ذرائع تحججت بها السلطات الإسرائيلية على مدار عقود للهيمنة على أراضيهم، منها تمرير خط الكهرباء فوقها، كما الاستيلاء على آلاف الدونمات لصالح إقامة شارع "عابر إسرائيل" وسكة القطار القطرية.

وترفض قوات الاحتلال إصدار تراخيص بناء لأهالي مدينة الطيرة، ما يدفعهم للبناء على أراضيهم الخاصة التي يمتلكونها منذ مئات السنين، وعلى الرغم من ذلك فإنهم يواجهون مخططا لاقتلاعهم.

وكثيرا ما خاضت المدينة مواجهات عنيفة مع الاحتلال طيلة السنوات الماضية وحتى اليوم، فالبلدة التي لم تستسلم يوما تواصل مسيرتها النضالية دون توقف.

المراجع:

ـ أنيس صايغ: بلدانية فلسطين المحتلة (1948- 1967)، 1968.
ـ مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين، 1974.
ـ عبد الصمد الحاج يوسف أبو راشد، طيرة الكرمل- الأرض والإنسان، 1993.
ـ محمد عقل، طيرة الكرمل: حكاية كفاح ورحلة عذاب وتهجير.
ـ مدينة الطيرة، أبو عبد الله الطيراوي، موقع فلسطين في الذاكرة، 8/1/2011 .


التعليقات (0)

خبر عاجل